• عن اتجاه
  • كيف تكتب معنا؟
  • اتصل بنا
اتجاه
  • الرئيسية
  • سياسة ومجتمع
  • ثقافة وفن
  • تلامذة
  • تدوينات
  • إصدارات الجريدة
  • دون تردد
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • سياسة ومجتمع
  • ثقافة وفن
  • تلامذة
  • تدوينات
  • إصدارات الجريدة
  • دون تردد
No Result
View All Result
اتجاه
No Result
View All Result

رسالة إلى غسّان كنفاني

أنيس صايغ أنيس صايغ
02/14/2021
في ثقافة وفن

من فوق التراب إلى تحت التراب. والموتُ واحدٌ وإن اختلفَ الموقع. والمدفنُ واحدٌ وإن اتسعَ ما فوقَ التراب ليمشل العالم كله حيثُ انتشر الفلسطينيون و ضاق ما تحت الترابِ فانغلقَ على جثمانٍ وحيد.

فشل القتلةً وإن نجحوا في تغييبكَ. ونجحوا في تغييب غيرك وإن فشلوا في قتلهم. ولو كان القتلةُ يعلمون أنّهم بقتلك يطلقونك من عالمٍ مجنونٍ متخاذلٍ ومستسلم باع شرفه وأرضه وحقه ومبادئه بثمن زهيد أو حتى بدون ثمن، لكانوا تردَّدوا قبل وضع الأصابع المتفجرة في سيارتك في صباح ذلك السبت المشؤوم قبل عشرين سنة. إنّ انفجار الفولسفاكن حررك من هذا العالم وأبعدك عن المأساة التي نعيش وأخفى عن عينيك عيوب الحاضر وجرائمه وانهزاماته. فأغمضت عينيك على صورة جميلةٍ من صور النضال والإيمان والثورة والقيم. وفي عشرين سنة خبت هذه الصور، وبهتت، وأخذت مكانها صورٌ قاتمةٌ وتعيسة.

كم توهمت، بعد استشهادك بعشرة أيام، بأن وحشية العدو التي نالت منك لم تنل مني تمامًا، فبقيت أتنفس وأتحرك وأرمِش، وإن خفَّ السمعُ والبصر إلى ما يقارب الزوال. ولكني، وبعد عشرين سنة من اقتراف هاتين الجريمتين، أغبطك وأغبط مصيرك ولا أغبط مصيري.

ماذا كنتَ ستسمع يا غسان، وماذا كنت ستشاهد، لو كنت تشاركنا الجلسات هذه الأيام؟

  • كنت ستسمع أنَّ الصهيونية ليست حركةً عنصرية استيطانية معادية، بل هي حركة سياسية تقف في وجه حركةٍ سياسيةٍ مقابلة، كلاهما من طينةٍ واحدة: تدافعُ الأولى عن "حقوق" جماعةٍ (اليهود) وتدافع الأخرى عن حقوق جماعةٍ ثانية (العرب)، تمامًا مثلما نصَّ وعدً بلفور قبل استشهادك بخمسٍ وخمسين سنة: إنَّ وطنًا قوميًا لليهود يقامُ في فلسطين بشرك ألّا يمس بمصالح "الجوالي" المقيمة في ذلك البلد، وكما كان "السير" مارك سايكس، أحدُ بطلي الاتفاقية المشؤومة، يزعم بأنَّ الصهيونية والقومية العربية صفحتان لورقةٍ واحدة..
  • وكنت ستسمعُ أنَّ "اسرائيل" بلدٌ مثلُ سائر البلدان، له حقوقه وأمنه وحدوده ووجوده ومصالحه. وما علينا إلّا أن نعترف له بذلك حتى يكف عن التعدي علينا. فـ"إسرائيل" أصبحت "جارًا" ولم تَعد عدوًا. وللجار حقوق. وما الجدارُ الذي يفصل بيننا إلَّا جدارُ وهمٍ وخيالٍ نصبه التعصب والجهل في قرنٍ من الزمان.
  • وكنت ستسمع أنَّ فلسطين ليست فلسطين، أن نصفها اسمه إسرائيل، ونصفها الآخر الضفة الغربية وقطاع غزة.
  • وكنت ستسمع أنَّ القضية الفلسطينية هي قضية ما سقاط عام 1967 من أرض فلسطين، وأن استعطاء حكم ذاتي يجعلنا أحرارًا في شؤون الصحة وجمع القمامة وفتح الدكاكين وتعليق اليافطات ويغنينا عن المطالبة بتحرير محبوبتك عكا والعودة إلى محبوبتي طبريا. بل إنَّ قضية فلسطين امحت وذابت في ما اصبح يسمى "قضية السلام في الشرق الأوسط".
  • وكنت ستسمع أنَّ التفاهم بالحسنى، أو الاتفاق بالتراضي، هو شرفُ "الثورة حتى النصر"، وأنَّ شرف الجلوس مع مندوبي العدو في هذا البلد الأوروبي أو الأمريكي أو الآسيوي أو ذاك، في ظل الرعاية الأميركية "الصديقة"، هو النصرُ بحد ذاته. فقد فاتك أنَّ أميركا لم تعد دولةً استعمارية أو امبريالية وعدوةً للشعوب، بل أصبحت صديقًا عزيزًا حاميًا لحقوقنا وجنديًا مخلصًا لاستعادة حقوقنا. لم يعد هنري كيسنجر "غزيزًا" لوحدهِ، بل أصبحَ الطاقمُ السياسيُّ الحاكمُ في أميركا كلهُ عزيزًا على قلوبنا.

لو كنت لا تزالُ حيًا يا غسان لكنت تشاهد وتسمع أصدقاء مشتركين لك ولي (وبعضهم أصابته قنابل العدو مثلما أصابتك وأصابتني) يقولون هذا الكلام وأكثر. ويسيرون في جنازة الحق الفلسطيني مزهوين بالانتصارات الوهمية. لقد سقطت الأقواس حول اسم "اسرائيل" وأصبح الاستمرار في استعمالها غباءً وتحجرًا وسماجةً لا تليق بنا ونحن نجالس الاسرائيليين ونستعطفهم ونتملقهم ونغازلهم ونمنحهم بركات الشرعية. والصحيحُ أنَّ الأقنعة سقطت عن وجوههم هم بمجرد إسقاطهم تلك الأقواس.

ألا توافقني، بعدَ هذا، أنَّ مثواك تحت التراب أرحبُ وأرحمُ من منازلنا الفخمة وطائراتنا الخاصّة وعروشنا والبُسط الحمرِ تحتَ أقدامِنا؟

لكنَّهُ ذنبُكَ أنتَ يا غسَّان، أنّك أتحتَ لهم أن يغتالوكَ. ركبتَ الفولسفاكن. ولم تكن تركبُ المارسيدس 500 المصفَّحة، تحيطُ بكَ حراساتُ مسلَّحةُ تفتحُ لكّ الطرقات وتغلقها عن غيرك. تمامًا كما كان الذنبُ ذنبي حسب رأي أحد كبارِ قادتِنا العباقرة الذي صرخَ مستنكرًا أن افتح المظروف المفخخَ، الأمر الذي جعل القنبلة تنفجرُ بين يديّ. قال: "أليس عنده سكرتيرة تقومُ بفتح الرسائل عنه"؟ وكأنَّع أراد أن يقول: "لتبتر أصابع السكرتيرة، أما اصابعهُ فلا". فالموتُ للمساكين وليس للمسؤولين!

وهكذا تتحوَّلُ المسألة من جريمةٍ صهيونيةٍ قذرة ضد الفكر الفلسطيني إلى خطأٍ نقترفهُ نحنُ وندفعُ ثمنهُ حياتنا أو بعض حياتنا.

لقد هدَّدوك، وحذّرك "العارفون" قبل أيام من الجريمة واستخففتَ فنالوا منكَ. وهدَّدوني، وحذَّرني بعضُ "العارفين" قبل أيام من الجريمة فسخرت ولم أتعظ منك، ونالوا مني. وهكذا كان الحالُ مع الكثيرين غيرنا، رحم الله الموتى وشفى الجرحى والمصابين وغفر للمتخاذلين وهداهم. إنَّ وحش الموت، كما يقولُ المثلُ الدانمركيُ، يلتهمُ الأدسم بين ضحاياه. ترى، هل كانت لدنيا رغبة خفية في التنافس والتدافع أمام الوحش ليختارنا نحن من بين آلاف المقاتلين بالبندقية أو القلم؟

لقد أراحك الموت من سؤالٍ شخيفٍ كان المحققُ سيطرحُهُ عليكَ مثلما طرحهُ عليَّ وأنا أستلقي على سريري في المستشفى بين الموت والحياة: "من تعتقد أنَّه وراء الجريمة؟ هل هناك حصومةُ بينكَ وبين جارٍ أو زميلٍ أو منافس؟" ولو كانت لديَّ قدرةُ على الكلام لكنتُ أجبتُ: "نعم. هناك خصومةُ بيني وبين العقل والمنطق- عقلِ هذا الزمان ومنطقهِ اللاعقلاني واللامنطقي".

يبدو أنَّهم هم العقلاءُ والمنطقيون، ونحنُ كنا المغفلين. المغفل فقط يرث الرضى الذاتي، وراحة الضمير، وشرف النضال. وهم يرثون كل شيءٍ آخر رنانّ، من لقبٍ إلى ذهبٍ.

أنت وأمثالك تعيشون في المخيم وتناضلون في الخندق وتشربون الماء الآسن وتقتاتون الفتات. وأما وجهاءُ الضنالِ الكلامي والخطاب السياسيّ المهرجانيّ ومحترفوه فقد جنوا ثمارَ ذلك النضال، ألقابًا فخمةً تحتضن أسماءها، ومباني ضخمة تنطحُ بأعناقها السُحب، ومواسم الترف ومهرجاناته وأعراسه التي قصرت عنها ليالي الألف ليلة وليلة.

***

أخي العزيز غسَّان: لقد متَّ مرَّة. ونموت نحنُ كل يوم ألف مرّة.

أكادُ أسمعكَ تسألُ: أليسّ من أخبارٍ غير هذه التعاسات؟

نعم.

فايز وليلى يرفعان اسمَ فلسطين واسمَ والدهما عاليًا، بكفاءاتهما ونشاطاتهما ونجاحهما. وآني وفيةُ لكَ في وفائها لقضية زوجها التي أصبحت قضيتها، مثابرةُ تُنجزُ ما يعجزُ عنه العشرات. ورفاقكَ على إيمانهم وسلاحِهم وأصالتِهم. وجبهتك صامدة بالرغم من الاغراءات التي تستميلُ الضعافَ وتشدُ الأقوياء. و"الحكيمُ" القائدُ يزداد مرضهُ قسوةُ وتزداد عزيمته قوةُ. وكتبك ورواياتك وقصصك تجتذب القراء المعجبين طبعةً بعد أخرى. ومجلة الهدف تتحدى وتواصلُ الصدور. والواحاتُ النادرةُ في صحارينا الواسعة لا تزالُ خضراء، وينابيعُها لم تجفّ، وإن أعرضَ الكثيرون عنها ولم يعد ماؤها الزلال يروي لأن عطشهم هو إلى نوعٍ آخر من المشروبات.

وبكلام آخر: لم تَغِب الشمسُ بالمّرة، وإن كانت العتمةُ تلفُ حياتنا. فلا بد للشمسِ أن تشرقُ ثانيةً. إنّ دماءَ الشهداء، الأمواتِ منهم والأحياء، ستظل تشعُ نورًا يضيء لأجيالٍ قادمة. وحدهُ هذا الأملُ يمنعُنا من الاستسلامِ/ الانتحار.

  • نُشر هذا المقال في مجلة الآداب في العدد 7/8 (تموز، آب) عام 1992 ضمن ملف خاص نشرته المجلة في الذكرى 20 لاستشهاد غسَّان كنفاني.
ShareTweetPin
أنيس صايغ

أنيس صايغ

اقرأ أيضًا

في رثاء حاتم علي: من يحمل عبء الذاكرة؟
ثقافة وفن

في رثاء حاتم علي: من يحمل عبء الذاكرة؟

نضال خلف
03/15/2021
من معرض “لفتا” إلى كلّ القرى المهجرة
تلامذة

من معرض “لفتا” إلى كلّ القرى المهجرة

حراك صدى
03/11/2021
فرسان السينما الفلسطينية (جزء من كتاب)
ثقافة وفن

فرسان السينما الفلسطينية (جزء من كتاب)

هيئة التحرير
02/13/2021
أزمة اللغات المحليّة
ثقافة وفن

أزمة اللغات المحليّة

آثر برغوثي
02/13/2021
  • الرئيسية
  • سياسة ومجتمع
  • ثقافة وفن
  • تلامذة
  • تدوينات
  • إصدارات الجريدة
  • دون تردد

جميع الحقوق محفوظة - اتجاه 2020

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • سياسة ومجتمع
  • ثقافة وفن
  • تلامذة
  • تدوينات
  • إصدارات الجريدة
  • دون تردد