مقبرة مأمن الله هي مقبرة إسلاميَّة تاريخيَّة من أكبر وأشهر مقابر مدينة القدس. تقع المقبرة في القسم الغربيّ من المدينة وتبعد عن باب الخليل حوالي ٢ كيلومتر غرباً. شهدت أرض المقبرة الكثير من الأحداث التاريخيَّة المهمّة. وهي مقبرة ذات مكانة عريقة في التراث فقد جمعت بين المدفونين فيها من أُمراء وعلماء وأولياء ومتصوفين وشُهداء ومُجاهدين.
التاريخ والعراقة لم يمنعا الاحتلال من التخريب والنهب داخل المقبرة بين الجثث فحسب، بل دفعوه أيضاً لمحوها وطمس معالمها وتفاصيلها، وذلك عن طريق إقامة عدد من المشاريع الصهيونيَّة على أرضها دون اكتراث لجثثٍ دُفنت وحضارةٍ بُنيت على مرِّ العصور. أحدث هذه المشاريع ما يُدعى "متحف التسامح" والذي أقيم على جزء كبير من المقبرة وينتهك المكان بشكل هجوميّ وتعسّفيّ.
بمبادرة من حراك صدى في مدينة القدس أُقيم معرضُ "مأمن الله" على أرض المقبرة. وتناولت أعماله الفنيّة من صور ومخططات ولوحات وجداريات ومجسمات ما تتعرض له من انتهاكات صهيونيَّة وتهميش.
تحاكي هذه الأعمال واقع مقبرة "مأمن الله" بشكل مختلف، فاختار بعض المشاركين الأرشفة كوسيلة لتوثيق ما لم يُكتب عن المقبرة، كما عمل البعض الآخر على تجسيد فكرة انتهاك حيز المقبرة ومنهم من عمل على إعطاء هوية لكل قبر، وآخرون اختاروا أن يعكسوا ردَّة فعلهم تجاه القضية من خلال أعمالهم الفنيّة.
ساعدت الجولات التعريفيَّة والزيارات وحملات التنظيف ضمن عملية بناء المعرض على التعرّف على المقبرة بشكل أكبر، كما دفعت بالمشاركين لطرح أسئلة حول كلّ ما هو جديد بالنسبة لهم داخل هذا الكم الهائل من التاريخ المُهمَل، وعادت هذه الأسئلة لتظهر خلال عملية تنفيذ وبناء الأعمال الفنيّة على شكل نقاشات وحوارات حول طريقة تقديم القضية للجمهور الفلسطينيّ.
يستمر الاحتلال في التخريب وإقامة مشاريع على أرض المقبرة حتى يتمكن من إخفائها بشكل تام لذا عمل "حراك صدى" من خلال معرضه الفنيّ على توثيق ما تبقى لنا منها حتى اليوم من معالم وتاريخ ومشاعر مختلفة، وكذلك على نشر التوعية وتسليط الضوء على قضيتها من جديد.
حراك صدى هو مجموعة طلابيَّة تضمّ طلبة من كافة أنحاء فلسطين: شمالها والمثلث والقدس والنقب. يتلّقى طلبة الحراك تعليمهم في أكاديميّة بتسالل الإسرائيليَّة للفنون. وتعمل الأكاديميَّة على استغلال أفكارهم، ووجودهم داخل الأكاديميَّة وما يقدمونه من مشاريع لتحسين صورة "إسرائيل" في مجال احترام التعدّديّة وتقبّلها للمكوِّن العربيّ فيها.
يهدف الطلبة لتوظيف الفنون والمهارات التي يمتلكونها كوسيلة فعّالة لتعزيز نضالهم والتعبير عن قضيتهم، فأقاموا هذا المعرض الفنيّ ليعبّروا فيه عن إحدى القضايا التي يحتكّون بها بشكل يوميّ وهي قضية مقبرة مأمن الله، إذ بُني سكنهم الجامعيّ على جزءٍ من أرضها.